[img]
عالم الحيوان عالم جميل يكتنفه الغموض ، على الرغم من محاولات البشر العلماء بخاصة في الغوص عميقاً في هذا العالم إلا أنه ما زال مجهولا .ً. مما لا شك فيه أن العالم تشالز دارون يقف في مقدمة العلماء الذين سلطوا الضوء عبر تجاربهم علي العديد من الحيوانات، وكشف دارون الكثير من الحقائق المذهلة عن هذه الحيوانات، فقد كشف سر الضحكة عند الحيوانات . كما عرف أن بعض الحيوانات تموت حزناً علي أصحابها ، والغربان من أذكى الطيور .
وتلمس الناس العاديون الذين يمارسون هواية تربية الحيوانات بعضاً من تلك الحقائق ، فالعديد من الحيوانات تتلمس عاطفته حباً أو كراهية في ضوء طبيعة وأسلوب تعاملك وعنايتك به ، وهنا تحضرني حادثة جرت أحداثها في قرية في منتصف الخمسينيات وانتهت في أوائل الستينيات.. هذه الحادثة نسجت خيوط أحداثها علاقة حب عجيبة بين رجل وبغل كان يهتم به بطريقة تثير الدهشة والاستغراب. كان يطعمه الحلويات ويحتسي الشاي معه .. حتي أصبحت حكاية البغل وصاحبه الحاج عباس الدغل حديث الناس اليومي .. وعندما جاء ذلك اليوم المحتوم ومات الحاج عباس مات بعده البغل بأربع ساعات ، كان ذلك مشهداً ميلو درامياً غاية في الحزن ..
وثمة حكايات كثيرة عن الكلاب والخيل والجمال والطيور .. وتعالوا معنا نتابع أحاسيس الحيوانات حباً وضحكاً وحزناً وكراهية عبر لقطات منوعة من ذلك العالم المختلط المثير .
منذ القدم، وقبل ظهور العالم (تشالز داروين) ومن بعده بقي عالم الحيوان لغزاً محيراً للبشرية ، صرف العلماء العمر والأبحاث والدراسات لفهمه والخوض في خفاياه غير المعلومة لدينا ، فقبل داروين ومن بعده ، تساءل العلماء هل للحيوانات قدرة علي التفكير والاستنتاج ؟ وهل تفرح الحيوانات وتحزن وتضحك وتبكي مثل الانسان؟ .
القردة الذكية
قام (تشالز داروين) بتجارب عدة اختبر فيها المقدرة العقلية لقردة (شامبانزي)، وقوة ذكائها ومبادرتها الفطرية، وفي الواقع دلت جميع التجارب التي أجريت علي قردة (الشامبانزي) علي ان هذا النوع من القردة يتمتع بذكاء فطري لا بأس به ، وان لديها قوة ابتكار وميلاً الي الدعابة والمزاح ، وقد ثبت ان للقردة التي سَاكَنها أصواتاً مختلفة ، تعبر من خلالها عن الفرح والحزن والخوف الخطر .
صبر النمل
ذكاء النمل أمر معروف كتب عنه الجاحظ وابن المقفع ، ألا إن أحد العلماء الفرنسيين وضع يده من خلال دراسته لحياة النمل وتصرفاته ، على ما يثبت فكره السديد وصبره وحرصه في المعاشرة علي الوفاء ، فقد اكتشف العالم الفرنسي (ان النمل) يحتفظ في أوكاره بنوع من الحشرات الضارة التي تتطفل علي النباتات ، يعرف باسم (المن) ويحافظ عليه محافظة تامة، ويعتني به اعتناءه بنفسه، ويهيئ له سبيل العيش سهلاً ميسوراً، فيقيه شر التقلبات الجوية ، ويؤمنه ضد اعدائه الكثيرين، وما كانت هذه العناية البالغة ، والحفاوة الفائقة إلا لأن (المن) يمد النمل بكميات كبيرة من العسل ، فيلتهمها بلذة ونهم .
الكلب الصديق الذكي
وفي دنيا الحيوان ، يبقى الكلب هو الأكثرو فاء ، فإحساسه مفرط بالعواطف علي اختلافها مثل الحزن، وفي ذلك أن أحد المصورين اقتني كلباً واعتنى به ، وكان المصور معتل الصحة ، أقوي عليه المرض ذات مرة فنقل الي المتشفى ، لكنه لم ينتظر أجله طويلاً . فتبع الكلب نعش سيده ، وشيعه الي مثواه الأخير، وكان أن أخذ الكلب يقضي طوال النهار أمام المتشفى ، ثم يرجع فيظل طوال الليل أيضاً بجوار منزل سيده ، واستمر علي ذلك ستة أيام متتالية ، رفض اثناءها أي طعام ، ولم ينتقل من مكانه أو يتزحزح عن موقفه ، الي ان مات حزناً على سيده.
خلال أبحاثه الطويلة حاول داروين ومن بعده عدد كبير من العلماء ، تحليل المقدرة العقلية الى قواها المختلفة ، وهي القوي المميزة ، والقوي المفكرة ، وحب الاستطلاع والتعبير عن الشروط ، مثل الحزن والفرح والاكتئاب والضحك والبكاء ، وتطبيق ذلك علي الحيوان والقوي المفكرة تشاهد بوضوح في الطيور التي تترك أوكارها وأعشاشها من دون ان تخطئ أو تحيد عن الطريق ، فلا شك ان لديها قوة تعينها علي تذكر المكان الذي ارتحلت عنه ، وفارقته مدة طويلة من الزمن .
والتعبير عن الشعور أمر عام في دنيا الحيوان ، فالغضب والكراهية والمحبة والخوف والامل ، كل هذه تظهر عند الحيوانات بطرق مختلفة باختلاف جنس الحيوان ، فالخيل تظهر الحزن بالبكاء ، واظهار الشعور في حد ذاته علامة علي الادارك والعقل ، الا ان القردة في مملكة الحيوانات هي الأذكى وبعدها تأتي الفيلة والكلاب والخيل.
الفيل
ان أردت معرفة شيء عن الفيل فعند الهنود الخبر اليقين .. فلديهم روايات عديدة عن نباهة الفيل ، في ذلك أن أحد الأهالي أحضر وعاء مثقوباً ، ووضعه أمام الفيل ، وأشار الي الثقب ففهم الفيل من هذا انه مكلف بأخذ الوعاء الي أحد السباكين لاصلاحه ، وفعلاً تم هذا، ورجع بالوعاء الي صاحبه ، ولكن هذا شاهد ان الخرق لا يزال فيه جزء لم يتم اصلاحه ، فأحضر الفيل وأشار الي ذلك الثقب الصغير ، وكأنه يأمر بارجاع الوعاء ثانية الي العامل ، فأخذ الفيل الوعاء ، وفي الطريق فكر في طريقة عملية يثبت بها للسباك ان الوعاء لا يزال يفتقر الي الاصلاح فهداه ذكاؤه الي ملء الوعاء بالماء ، وذهب به الي دكان السباك ، حيث وضعه أمامه والماء يتسرّب من الخرم الصغير، فكان عملاً أبلغ من كل قول .
ماذا عن الطيور؟
نباهة الغربان
العالم (فرانسيس بات) كان أول من جرب دراسة الطيور ، واختبرها ، واختار الغربان للدلالة علي نباهتها ، فقد ربى ، علي مدى سنوات، غراباً أخذ يعوده علي التقاط قطعة من الجبن من يده ، فكان الغراب يحلق ، ويحط علي يد العالم، ينقر قطعة الجبن ثم يعود الي قفصه ، وذات يوم غافل العالم الغراب ، واستبدل قطعة الجبن بقطعة صابون تشابهها بالكشل واللون ، فما كان من الغراب عندما حط علي يده إلا أن خدشه خدشةً شديدة كأنه أراد ان يعبر للعالم عن حنقه وغضبه واستيائه من الخدع